mercredi 3 décembre 2014

إحياء أيام قرطاج السينمائية في قاعات تحتضر




تحتضن تونس في الأيام القليلة القادمة أيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والعشرين في الفترة الممتدة من 29 نوفمبر إلى 6 ديسمبر 2014.  وككل دورة يستقطب المهرجان مشاركات عربية وعالمية ويستضيف نجوما عالميين في الفن السابع.

  يبلغ عدد الأفلام التي وردت على إدارة المهرجان هذه السنة حوالي 560 فيلم بين عربي وافريقي و70 فيلم تونسي بين روائي ووثائقي وقصير. لكن في مقابل ذلك تعاني البلاد من ندرة قاعات العرض التي لا تتجاوز ال10 قاعات في تونس العاصمة وتشكو من مشاكل لا حدود لها  جعلتها "غير جاهزة لاستقبال جمهور أجنبي أتى  من أجل الاستمتاع بالفن السابع ليجد نفسه جالسا في مقاعد غير مريحة وقاعات غير مجهزة بمكبرات الصوت والاضاءة الكافية وفاقدة للمكيفات الهوائية... الى غيرها من المشاكل التي تشترك فيها أغلب القاعات تقريبا" هذا ما صرح به مدير قاعة سينما ABC  مضيفا أنه من الواجب توفير مقعد مريح للمتفرج وغيرها من الأمور التقنية لضمان عودته للقاعة مرة أخرى بعد انتهاء المهرجان اما لمتابعة مشاهدة الأفلام أو لكراء القاعة من اجل أنشطة أخرى.

 قاعات مهجورة
الوضعية الحالية التي تعانيها قاعات السينما هي نتاج عوامل مختلفة وتتحمل مسؤوليتها أطراف عديدة منها بالأساس وبالدرجة الأولى المواطن الذي تراجع اهتمامه بالسينما جراء قلة الإنتاج ما دفعه الى هجر القاعات كليا في خضم توفر كل الأفلام الجديدة في أقراص مضغوطة وبأسعار زهيدة، وله الفرصة كذلك ان يشاهدها مجانا وفي أي وقت يشاء عبر الانترنت، مما أدى في وقت من الأوقات الى غلق العديد من القاعات في كامل تراب الجمهورية واهمال جانب الصيانة والترميم للقاعات المتبقية.
 لا يمكن اليوم الحديث عن السينما في تونس دون وجود قاعات سينما والبنية التحتية المناسبة لهذا القطاع، فهذه الأخيرة تمثل فضاء للمشاركة وتفتح المجال للمنتجين المحليين خاصة لعرض منتوجهم الفني.
وفي ظل هذه الوضعية غير المطمئنة لقاعات السينما أشارت مديرة المهرجان درة بوشوشة أنه من غير الممكن تقديم سينما فيها و قد تمت احالة المسألة على وزارة الثقافة والتي أبدت تفهّما واضحا للوضعية، بل خصصت ميزانية لذلك لولا وجود البيروقراطية التي عطلت كل شيء إذ في كل مرة هناك لجان تنظر ولجان أخرى تقرر وأخرى فأخرى… وأردفت: "شخصيا أخجل من تقديم عروض في قاعات تفتقر لأبسط الضروريات ونحن نحاول قدر الامكان إرجاع هيبة المهرجان والمنافسة على أشدها بين الدول العربية على الأقل علينا حفظ ماء الوجه بقاعات محترمة."
وتضيف مديرة المهرجان " بصراحة إن لم تبدأ أشغال تهيئة قاعات السينما الأسبوع المقبل فلن أستطيع المواصلة في إدارة المهرجان، كل الأمور الأخرى تقريبا جاهزة عدا هذه الإشكالية".
لكن من جانب آخر نلمس تناقضا كبيرا بين ما تسعى اليه الإدارة وبين القرارات التي تتخذها في هذا الشأن حيث قال المخرج السينمائي التونسي المنصف ذويب أن إدارة المهرجان قد ظلمته بقوانينها الجائرة ولم توافق على إعطاءه فرصة للقاعة CinéVoG بالكرم للمشاركة في عروض أيام قرطاج السينمائية خاصة بعد المجهودات الفردية التي قام بها لإعادة احياء القاعة بعد 20 سنة من الإهمال وتجهيزها بماله الخاص بمساعدة بعض الأصدقاء بعد ان حرمته من الميزانية المخصصة لإصلاح القاعات بدعوى ان العروض ستقام فقط وسط العاصمة.

كما أجمع عدد من المديرين والمسؤولين عن قاعات السينما على الأزمة التي تمرّ بها السينما التونسية حيث أشار السيد أنيس بن أحمد مسؤول عن قاعة سينما "البرناس" أنه تم ارسال طلب للوزارة فيه كل النواقص التي تشكو منها القاعة وتبعا لذلك جاءت لجنة مختصة من الوزارة وعاينت الوضع وسجلت كل النواقص غير أن عملية التنفيذ والشروع في الإصلاحات تأجلت بعض الوقت بسبب الانتخابات مثلما حصل مع موعد المهرجان الذي كان مبرمجا من 1 الى 10 نوفمبر 2014. وعن كلفة الإصلاحات قال إنه ليس هناك ميزانية موضوعة مسبقا بل تتحدد عن طريق اللجنة ومدير القاعة بعد رصدهم للوضعية.

دور وزارة الثقافة
وعن دور وزارة الثقافة من كل هذا تقول درة بوشوشة أنه منذ سنوات عديدة قد وعدت الوزارة بإعداد مشروع لتطوير دور السينما التونسية وتحسينها، ولهذا الغرض فإنها تخصص ميزانية كبيرة للقاعات لمعدات الصوت والفيديو الرقمية. وقررت كذلك تقديم منح لصيانة وتطوير الجانب الجمالي (الطلاء، الكراسي، المكيفات الهوائية، صيانة الأرضية، تجديد السجاد، تحسين دورة المياه...)
وعادة ما يتم تقديم هذه المنح قبل المهرجان بهدف ان تكون القاعات في حالة جيدة لاستقبال ضيوف المهرجان، لكن للأسف فان الأموال التي تعطى من قبل الوزارة غالبا ما تبذر بطريقة عشوائية وهو ما جعل القاعات تبقى في حالة سيئة للغاية معظم الأوقات.
وبالحديث عن الدورة 25 لأيام قرطاج السينمائية تقول مديرة المهرجان ان ميزانية الدعم المخصصة لتحسين قاعات السينما كبيرة جدا حيث تبلغ حوالي مليارين من المليمات وان القاعات ليست على نفس الدرجة من السوء وان لكل قاعة نواقصها. وتعتبر القاعات الموجودة وسط العاصمة اجمالا في حالة يرثى لها بالمقارنة مع باقي القاعات الموجودة في الضواحي الشمالية للعاصمة. حيث ان هناك قاعتان في طور الاشغال ABC وRIO.

لجنة رقابة
ومن اهم الإصلاحات التي تحتاجها القاعات هي ترميم الجدران والطلاء والسباكة وتغيير السجاد التالف وتحسين دورات المياه وتغيير المقاعد بأخرى سليمة واجراء عملية تنظيف شاملة ومكثفة في نهاية الاشغال مباشرة قبل بدء المهرجان. مع العلم ان الاشغال قد استأنفت الان وستدوم مدة شهر كامل من العمل حسب ما هو مخطط له.
وبخصوص مراقبة لسير العمل فقد عين وزير الثقافة لجنة رقابة مهمتها رصد سير العمل وتتألف من عدة أعضاء من دائرة السينما وأعضاء من اللجنة المنظمة للمهرجان وأعضاء المركز الوطني للفيلم والصورة CNCI وجملة من المختصين في ميدان البناء وسكون هذه اللجنة حاضرة بانتظام في موقع العمل لمراقبة حسن سير الاشغال وحسن استغلال المال العام. والهدف من عملية الصيانة والتجديد هذه تحسين السينما والحصول على نتيجة دائمة ليست مرتبطة فقط بالمهرجان بل تسمح للقاعات بتعزيز نشاطها على المدى البعيد.

لم تنحصر أزمة قاعات السينما في تونس في تراجع اهتمام المواطن بالسينما وقلة الإنتاج فحسب، بل تجاوزت هذه الأسباب المستهلكة نوعا ما لتشمل تأخر وعي وزارة الثقافة بضرورة إرساء لجنة مراقبة للإشراف على سير العمل ومراقبة عملية صرف الأموال المخصصة للإصلاحات.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire