samedi 11 janvier 2014

واقع الصحافة الالكترونية في تونس: تحسن ملموس رغم بعض النقائص

تشهد الصحافة الالكترونية في تونس انتشارا واسعا في السنوات الاخيرة, وأصبحت تستقطب عددا هائلا من المستخدمين, وتعرف إقبالا في تزايد يوما بعد يوم خاصة على المواقع الاخبارية, حيث تسمح للزائر بتصفح كافة الصحف والمجلات التي لها مواقع الكترونية بثمن زهيد. كما أنها تمده بكل جديد من خلال تحيين الموقع بشكل مستمر وعلى مدار الساعة, وتسمح بتوفير أرشيف صحفي ضخم يتيح الحصول على المعلومات بسهولة ويسر من خلال محركات البحث.


مميزاتها:

وتختلف الصحافة الالكترونية عن الصحافة التقليدية بكونها تعمل عن طريق المراسلة الالكترونية ولا تتقيد بمقر واحد ليجمع الاعضاء العاملين فيها. وتتمتع بهامش أكبر من الحرية بعيدا عن الرقابة وتوفر للزائر فضاء حر للتعليقات على ما ينشر فيها وسبر الاراء لزيادة التفاعل والإقبال الجماهيري عليها, لذلك يطلق عليها اسم الصحافة التفاعلية الى جانب امكانية تضمين الخبر مقاطع صوتية أو فيديوهات او روابط ذات صلة وديابوراما ورسوم جرافيك... مما يجعل التغطية أكثر ثراء وجذبا للزائر وتجعله يعيش الحدث.

ويعود صدور أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993م حيث أطلقت صحيفة سان جوزيه ميركوري الأمريكية نسختها الالكترونية تلاها تدشين صحيفتا ديلي تليجراف والتايمز البريطانيتين لنسختهما الإلكترونية عام 1994م، وعربياً أصدرت أول صحيفة عربية نسختها الإلكترونية منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة وهي صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن ،تزامن معها إصدار النسخة الإلكترونية لصحيفة النهار اللبنانية.

نقائصها:

لكن الصحافة الالكترونية في تونس لا تزال تعاني من بعض العوائق ونقاط الضعف فالإعلام الالكتروني يعد قطاعا حديث العهد حتى في الدول الغربية ذاتها وبعضهم لم يقم بتقنينه الى حد اليوم وعلى سبيل الذكر فان فرنسا لم تقم سوى بإدراج تعريفات قانونية بسيطة خاصة بالإعلام الالكتروني طي قوانين اخرى.

 وفي تونس تعاني الصحافة الالكترونية من غياب الاطار القانوني والمهني الذي ينظم عمل الصحفيين في هذا المجال ويحفظ حقوقهم اذ لا توجد نقابات خاصة بهم كما لا يسمح بانضمامهم لنقابات الصحفيين كما أنه من الصعب على المشرع في حال وجود خلاف أو مشكلة اعتماد المقال الصحفي الالكتروني كوسيلة اثبات من عدمها.

ومن بين السلبيات التي تعترض طريقها كذلك أن أغلب الصحف الالكترونية تقوم على سياسة الاستنساخ والسرقة من الصحف المحلية والعالمية ووكالات الانباء دون ذكر المصدر ويرجع ذلك غالبا الى ضعف الامكانيات المادية وضعف الانتاج الذاتي وقلة عدد المحررين ومحدودية التأطير المهني للصحفيين الشبان العاملين بها, مع عدم خضوعها للمحاسبة والرقابة في ظل غياب الانظمة واللوائح والقوانين التي تنظمها, فلا توجد تشريعات تحكم عمل الصحافة الالكترونية ولا يوجد تراخيص ممنوحة لهذه الصحف حتى يمكن السيطرة عليها ومحاسبتها في حالة تجاوزها وهنا باتت الكثير من الصحف مصدرا للشائعات والأخبار المثيرة العارية من الصحة بهدف جذب اكبر عدد ممكن من القراء.
 قائمة المواقع الالكترونية التونسية الاكثر اقبالا لشهر ديسمبر 2013 وفق ما نشره موقع بيزنس نيوز حسب موقع ألكسا:



اكثر المواقع مشاهدة


هل تستجيب المواقع الالكترونية اليوم لمتطلبات الصحافة الالكترونية؟

 يقول الدكتور صادق الحمامي في دراسة حول "تجديد الإعلام: مناقشة حول هوية الصحافة الإلكترونية" أن الصحافة الإلكترونية شهدت منذ نشأتها تغيرات جوهريّة شملت أبعادها التقنية والتحريرية والاقتصادية وأن طابع التغيّر هذا سيلازم الصحافة الإلكترونية بسبب ارتباطها العضوي بشبكة الإنترنت التي تخضع بطبيعتها إلى التحوّل المستمر.حيث نشأت الصحافة الإلكترونية في بداياتها كامتداد للصحافة الكلاسيكية (المكتوبة والإذاعية والتلفزيونية) إذ اكتفت بإعادة إنتاج المضامين الصحفية الكلاسيكية، ثم انطلقت تدريجيا في ابتكار نماذج خاصّة بها، حتى أضحت اليوم إعلاما متفرّدا. 

لا تتسم كل المواقع الالكترونية في تونس بتعدد الوسائط وتفاعلها في بنية واحدة اذ أنها لا تتضمن كلها تسجيلات صوتية والتي كادت تقتصر على موقع شمس أف أم حيث تعتمد كثيرا على مثل هذه الوسائط الى جانب اعتمادها على استطلاعات الرأي حول مسألة ما. استخدام التسجيلات الصوتية في شمس أف أم:



التسجيل الصوتي


استطلاعات الرأي في شمس أف أم

كما أن التفاعلية لا تتوفر في أغلب المواقع الالكترونية وتوجد بقلة مثلا في موقع موزاييك أف أم و بيزنس نيوز:


تعليقات القراء في موقع بيزنس نيوز


هذا الى جانب بعض المواقع التي أبقت على نفس المحتوى الموجود في النسخة الورقية وغيرت فقط في المحمل لعرض الاخبار حيث أنها لم تعدل من النص الصحفي الموجه للمواقع الالكترونية وموقع "الشروق" أبرز مثالا على ذلك فالمحتوى هو نفسه سواء في النسخة الورقية أو على الواب. أو تلك التي تأخذ المادة الصحفية الجاهزة كما هي دون اجتهاد من بعض المواقع الاخرى كوكالات الانباء  وهي التي تعرف بالصحافة الجالسة مثل موقع "باب نات" و"المصدر"...

ما يجب أن يتوفر للصحافة الالكترونية للنهوض بها؟ 


تتميز الصحافة الالكترونية بالسرعة وتحيين على مدار الساعة وهو ما يجعل بعض المواقع تحظى بالسبق الصحفي عند كشفها عن أخبار جديدة لأول مرة ومن أهم هذه الاخبار التي كشفت عنها المواقع الالكترونية مسألة الأمن الموازي وجهاد النكاح في موقع "نواة"..

التدفق المعلوماتي في غالبيته رسائل ذات مضامين اعلامية غير مهيكلة ولا تستجيب لأي مواصفات مهنية وقد لا يولي أصحابها أي أهمية لأخلاقيات المهنة الصحفية, لذلك سعيا للرقي بالصحافة الالكترونية في تونس يجب اجراء تعديلات تضمن حقوق الملكية والنشر الالكتروني وإضافة القواعد واللوائح التي تنظمها كإنشاء اتحادات ونقابات رسمية للعاملين في هذا المجال لضمان حقوقهم من خلال الاعتراف الرسمي عبر اسناد بطاقة الصحفي المحترف للعاملين بالقطاع من جهة وتمكين المؤسسات الاعلامية من الاشهار العمومي من جهة اخرى.

 وأيضا ضرورة التنصيص على أهمية التعديل الذاتي للصحفي لاجتناب انحرافات مهنية وأخلاقية, كما على الصحف الالكترونية ان تعمل ما في وسعها على كسب "ثراء المضامين" ويكون ذلك عبر الاعتماد على تعدد المحتويات العلمية واستخدام المنهجية المتعارف عليها في الصحافة التقليدية والاعتماد على مختلف الاجناس الصحفية المعروفة كالخبر والتحقيق والتحليل والريبورتاج...


 تقرير: فتحية علاية

 



0 commentaires:

Enregistrer un commentaire