lundi 2 décembre 2013

بعد أن ألغاه بورقيبة أرادت الحكومة الحالية تفعيله: ماهو قانون الأوقاف؟

جامع الزيتونة ومستشفى عزيزة عثمانة من أبرز منشآت الاوقاف في تونس

إعادة تفعيل قانون الأوقاف في تونس موضوع أثار جدلا سياسيا وفكريا وإعلاميا.

فبعد إلغاءه سنة 1957 في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة يتقدم اليوم بعد مضي 50 سنة عدد من نواب المجلس التأسيسي الممثلين عن الأحزاب الحاكمة برفع مشروع متعلق بالوقف بمسمى "قانون الأوقاف العامة" في أكتوبر الماضي.

وكانت وجهات النظر متباينة حول هذا المشروع الذي تم إلغاءه في سنة 1957 بين رافض ومؤيد, إذ تراوحت ردود الفعل بين رافض للمشروع ومتخوّف من ضرب مدنيّة الدّولة، ومساند له يرى أن إلغاءَه كان خطأ دفعت عديد الفئات الاجتماعية ثمنه على مرّ أكثر من 50 سنة، ومستهجنٍ لتوقيت عرضه معتبراً أنّه يهدف لإلهاء الرّأي العام في خضم الأزمةالسياسية والاقتصادية  التي تعيشهاالبلاد.

الوقف من المنظور الاسلامي

الوقف هو مؤسسة دينية خيرية يندرج ضمن القضاء الشرعي,تأسيسا وتنضيما وتسييرا.وهو يدخل في عموم قوله تعالى:"وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"(الحج22_77) واستمد شرعيته من الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث:صدقة جارية (وهي الحبس) أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".

تنظيم الحبس وتسييره:

لم يعد من الممكن الاكتفاء بالمشرف والقاضي لتنظيمالحبس وتسييره في تونس قديما وذلك بعد أن تجاوز الوازع الديني ليصبح بغاية حفظ الملك من مصادرة الدولة ومن الظرائب, بل تم إنشاء هيكل إداري تعددت وظائفه ويتكون من ناظر الأوقاف والعدل وشاهد العدل والمحتسب.


تاريخ قانون الاوقاف:

مر قانون الأوقاف في تونس بمرحلتين اثنين:الأولى قبل الاحتلال الفرنسي (1881) وكان ذلك في عهد أحمد باي ومن بعده الصادق باي حيث أصبحت الاوقاف تحت اشراف المجلس البلدي بالعاصمة من سنة 1858 الى سنة 1861،وبذلك فقدت استقلاليتها وأصبحت تحت الادارة المباشرة للدولة.

بورقيبة ألغاه والغنوشي يحاول أن يرجعه


ثم بعد ذلك أصبحت الاوقاف تحت إشراف جمعية الأوقاف التي أسسها المصلح خير الدين التونسي بعد توليه الوزارة الكبرى سنة 1874.وكان مقر هذه الجمعية ثكنة عسكرية تركية بنهج جامع الزيتونة.لكن بعد سقوط وزارة خير الدين التونسي في 1878 بدأ الفساد يعود إلى مؤسسة الوقف وأصبح تسيير الأوقاف حسب الأهواء والمنافع وبدون مراقبة وكانت الإيالة تمر بفترة من أسوأ فتراتها سياسيا وإقتصاديا مع الوزير مصطفى بن إسماعيل.أما المرحلة الثانية كانت بعد انتصاب الحماية الفرنسية في 1881 حيث أدى تدهور المؤسسات الاقتصادية بالايالة ومن بينهاجمعية الأوقاف الى دخول الاستعمار الفرنسي وفرض الحماية على تونس في مرحلة ثانية في نهاية القرن 19 وبداية القرن ال20.مما سهل الاستيلاء على  أملاكها ومواردها,كما تم الاستيلاء على حبس عزيزة عثمانة وحفيدتها فاطمة عثمانة سنة 1926.


أسباب الالغاء:

عاشت جمعية الأوقاف من سنة تأسيسها 1874 إلى سنة حلها سنة 1956, 82 سنةمنها 7 سنوات قبل الاحتلال و75 سنة بعد الاحتلال. 
سارت فيهاالأمور من سيء الى أسوأ حيث تم محاصرة سلطة الحماية لجمعية الاوقاف بمجموعة من الأوامر والقوانين والتعيينات لرؤسائها ومديريها كما عمل الاستعمار على التدخل في شؤونهالإخضاعها,كما وقع بعث وزارة جديدة هي وزارة الأوقاف في 1943 والتي زادت من تدهور الوضع بتفاقم العبء المادي عليها المتمثل في رواتب الموظفين مما أدى إلى إنخرام ميزانية الجمعية فوقع إلغاء الوزارة في 1945 وألحقت الأحباس بالوزارة الكبرى.هذا بالاضافة  للحرب العالمية الثانية وأثرها على البنية التحتية.

وبانتهاء عهد الاستعمار، دخلت البلاد  عهداً جديداً من التطور السياسي والاجتماعي تمثل في نشوء نظام الدولة الوطنية الحديثة على النمط الغربي ووقع إلغاء النظام القديم للأوقاف وقد صدرت قوانين إلغاء الوقف بقرار من الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة سنة 1956  بعد شهرين من الاستقلال. فانحصر دوره في رعاية المساجد وصيانتها، وفي بعض الأنشطة الدينية والثقافية.وتبلغ أملاك الدولة المتأتية من الأحباس وأملاك المعمرين من الأراضي الفلاحية 828 ألف هكتار.


عودة الأوقاف بين التأييد والرفض:

الوقف في مفهومه الحديث هو آلية من آليات المالية الإسلامية نظرا لدوره في تحقيق ما يسمى بالاقتصاد التضامني والتكافلي داخل المجتمع.

وينص القانون في فصله الثالث على إحداث "الأمانة العامة للأوقاف" وهي مؤسسة عمومية لاتكتسي صبغة إدارية .كما تقوم الأمانة العامة للأوقاف بتعيين ناظر (مشرف) على الوقف يقوم بالعناية بالوقف وإستثماره وحفظه وآداء ديونه وله مهام أخرى ضبطها الفصل 16 من مشروع القانون.
كما يبين الباب الرابع من مشروع القانون طرق إستغلال الأموال الموقوفة وإستثمارها ويذكر الباب الخامس الطرق القانونية لإنقضاء الوقف.

وأثار طرح هذا المشروع جدلا في الوسط السياسي والاعلامي التونسي وتراوحت الآراء بين مؤيد لاعادة تفعيل هذاالقانون معتبرا إياه دافعا للدورة الإقتصادية وسيكون بمثابة سند للحكومة في مشاريعها التنموية  مع التأكيد على ضرورة أن تكون هذه الأوقاف تحت إشراف هيكل قانوني يحول دون توظيف مجموعة الأوقاف والأحباس لغايات سياسية. 

هذا وقد برر البعض أن نظام الاوقاف معمول به في عدد من الدول المتقدمة  على غرار منظمة « The Cowles Foundation » وفي الولايات المتحدة الامريكية التي مولت مشاريع البحث العلمي كمؤسسة « نوبل » السويدية التي تشجع البحث العلمي وتمنح جائزة سنوية لأهم الإنجازات العلمية، كما أكدوا ان الدولة التونسية يمكنها إعادة العمل بالاوقاف كوسيلة لدفع التنمية وتقديم يد المساعدة للفئات الضعيفة على شرط ان يقع توفير الغطاء القانوني الملائم لذلك، بالاستئناس بتجارب الدول المتقدمة.

في حين يرى الشق الرافض لهذا المشروع أن آثاره ستكون سلبية لما سيسببه من تغييب لمفهوم المؤسسة العمومية وفتح المجال لمؤسسات عمومية موازية تختلف إدارتها عما هو معمول به صلب الدولة  على غرار المدارس والمستشفيات التي من الممكن ان يقع توظيفها لخدمة مصالح سياسية ضيقة ، مؤكدين ان الأوقاف لن يكون لها أية فائدة إقتصادية ويمكن ان يقع تعويضها بالقروض الرقاعية التي يساهم فيها المواطنون مثلما هو معمول به في بعض  دول كماليزيا واندونيسيا.




روابط ذات صلة:


للإطلاع على مشروع قانون الاوقاف

فتحية علاية



0 commentaires:

Enregistrer un commentaire