lundi 16 décembre 2013

واقع الاعلام في تونس بين الموجود والمنشود

النهوض بالاعلام لتحقيق الديمقراطية

لا تزال معركة الحرية مستمرة في قطاع الاعلام مما جعل المشهد الاعلامي إلى اليوم غير واضح المعالم وعاجز عن توفير الاصلاحات الكفيلة بضمان الاستقلالية والحيادية ووضع حد لكل اشكال الوصاية رغم استفاقته من كبوته وانتفاضه ضد مظاهر الاستبداد والقيود الذي كرسها النظام السابق.
فبعد مرور قرابة الثلاث سنوات لا يزال القطاع الاعلامي يعاني من التدخل السياسي الذي يسعى الى فرض سيطرته عليه بما يمكن ان يعيدنا الى مربع الديكتاتورية كما لا يزال غير قادر على تلبية متطلبات المواطن التونسي وكسب ثقته.مما يستوجب ايجاد اليات كفيلة لحماية القطاع من التجاذبات السياسية وإلغاء الهوة مع المواطن التونسي.لا يزال القطاع الاعلامي يعاني من التدخل السياسي الذي يسعى الى فرض سيطرته كشكل جديد من أشكال الوصاية عليه وبسط نفوذه رغم توفر الاسس والمناخ الملائم لبروز مشهد اعلامي حر غير منحاز,فالنتاج العام لمردود الائتلاف الحكومي في هذا القطاع يكشف عن تردد واضح وتقصير لا لبس فيه في الاخذ بزمام المبادرة نحو الاتجاه الصحيح والقاطع نهائيا مع رواسب الممارسات الديكتاتورية.كما يكشف عن الرغبة في بسط نفوذها على الاعلام وتوظيفه لخدمة اجنداتها الحزبية ولعل ذلك يبرز في غياب مشروع حقيقي للإصلاح وإستراتيجية واضحة المعالم لدى الاجهزة التنفيذية لتعاطي مع ملف الاعلام, وعدم الاخذ بعين الاعتبار بالبدائل وتوصيات اهل الاختصاص مما جعل القطاع يتخبط في مشاكله دون أطر قانونية وتشريعية تنظمه.هذا بالإضافة إلى  عدم تفعيل المرسوم 115 الخاص بحرية الصحافة والمرسوم 116 الخاص بالإنتاج السمعي البصري  وإخراجهما من سياقهما وعدم تفعيل الفصول المتعلقة بحماية الصحفيين اثناء مباشرة عملهم خاصة في ضل تقاعس النيابة العمومية عن القيام بدورها وغياب هيئات تعديلية تتصدى للتجاوزات.في المقابل ضل بعث الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري يراوح مكانه رغم توفر الارضية القانونية لإحداثها وذلك بسبب التجاذبات السياسية ومحاولة الهيمنة على هذه الهيئة التعديلية ولعل رئيس الجمهورية هو من يتحمل المسؤولية المباشرة في التعطيل الحاصل خاصة وأن الفصل 47من المرسوم عدد 116  لسنة 2011 خص رئيس الجمهورية بتعيين اعضاء الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري بالتنسيق مع هيئة اصلاح الاعلام لكنه تخلى عن هذه السلطة لفائدة الترويكا الحاكمة التي اعطت المسألة طابعا سياسيا مرتبطا بمصالحها في الهيمنة على مؤسسات الدولة.كل هذه العوامل جعلت الحكومة مطلقة اليد في القيام بالتعيينات على رأس المؤسسات الاعلامية بهدف تطويعها وجعلها ادوات فعل سياسي تخدم الحكومة و إيديولوجياتها وكأنها بذلك تتبع نفس تمشي النظام السابق مع احداث تعديل طفيف بتغيير الالوان من "اعلام بنفسجي" الى "اعلام أزرق",مما جعل الاعلام التونسي منبرا للتلاعب وممارسة الضغوط ومسرحا للمعارك السياسية.ولعل تراجع تونس في تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود الدولية من مرتبة   134 سنة 2011   إلى مرتبة 138سنة 2012 دليلا قاطعا على أن الجراح العميقة التي تركها النظام السابق في جسم الاعلام التونسي لم يلتئم بعد.تداعيات تدخل الساسة وأصحاب القرار في القطاع الاعلامي التونسي ألقى بضلاله على ملامح المشهد الاعلامي وعكر صفو الاداء الصحفي وجعله غير قادر على تلبية متطلبات المواطن التونسي والقطع نهائيا مع الصورة السلبية لإعلام النظام السابق,كما جعل الصحفيين غير قادرين على كسب ثقة المواطن التونسي وتقليص الهوة فيما بينهم .كما أن ضبابية المشهد الاعلامي وارتباكه في ظل التجاذبات السياسية والحزبية وغياب الاصلاحات الفعلية الكفيلة بتوفير إطار عمل ملائم يحقق استقلالية القطاع الاعلامي ويرتقي بالعمل الصحفي إلى مستوى الثورة وتطلعات المواطن المتعطش الى المصداقية والنزاهة و المهنية,أخرج المهمة الاعلامية عن سياقها ودورها الرئيسي, وضرب حق المواطن في المعلومة وإنارة الرأي العام.بالإضافة إلى تمييع المجتمع بقضايا ثانوية في ظل غياب أمهات القضايا الجوهرية,مما جعل المواطن يلتجئ إلى وسائل اعلامية اجنبية كبديل لاستقاء المعلومة ومواكبة التطورات السياسية بعيدا عن المزايدات والحسابات الاديولوجية الخفية.ولذلك ولبلوغ مرحلة الارجعة مع ممارسات التضييق وكل أشكال الوصاية على الاعلام ولتحقيق إصلاح شامل وجذري للمنظومة الاعلامية لتتماشى ومتطلبات الثورة وطموحات المواطن يجب اتخاذ  جملة من الاجراءات والخطوات الفعالة لعل من أهمها إدخال تعديلات على المنظومة التشريعية الاعلامية بما يتماشى مع المعايير الدولية وتشكيل مجالس ادارية مستقلة بكل المؤسسات الاعلامية باعتبارها الضامن لقيادة عملية الاصلاح دون تدخل الحكومة.هذا بالإضافة إلى توفير ضمانات قانونية تحمي الصحفيين والمؤسسات الاعلامية عموما من الجانب الزجري وبالتالي اعادة بناء العلاقة بين الاعلام ومختلف السلط وفتح حوار واسع بين اهل المهنة والقطاعات الاخرى.كما لا ننسى ضرورة الاستفادة من خبرات الكوادر الاعلامية والأكاديمية التي يمكن أن تساهم في انضاج الرؤى واستراتيجيات الاعلام في تونس وبالتالي بناء مجتمع ديمقراطي مدني منفتح من أجل محاسبة السلطة وضمان القطع مع الاستبداد مهما كانت طبيعته.منحت الثورة الصحافة التونسية فرصة ذهبية للخروج من بيت الطاعة والقطع مع إرث ثقيل من التوظيف السياسي للإعلام وإلى التمكن من بلوغ مستوى الصحافة المنشودة سيضل المواطن التونسي متأهبا في وجه كل التجاوزات للدفاع على أهم مكسب للثورة وهو حرية الصحافة والتعبير.













فتحية علاية
  

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire